أخر الاخبار

ما هي مدينة نينوى ؟

 نينوى قرية يونس

قال تعالى: {فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين}     [يونس:  98].

كلنا يذكر الحوار الذي دار بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين عداس -غلام عتبة وشيبة، ابني ربيعة- حين جلس الرسول صلى الله عليه وسلم إلى جدار البستان يستريح من عناء السفر، ومن قسوة هؤلاء الذين سكنوا الطائف، وذهب إليهم يدعوهم إلى الحق، فخرجوا يطاردونه، ثم عادوا من حيث أتوا.

وجاء عداس يقطف من العنب، فلما وضعه أمامه، وضع النبي صلى الله عليه وسلم يده قائلا: بسم الله، ثم أكل.

فسأله صلى الله عليه وسلم قائلا: من أهل أي بلد أنت يا عداس؟ وما دينك؟ قال عداس: نصـ.ـراني، وأنا رجل من أهل نينوى.

فقال عليه الصلاة والسلام: من قرية الصالح يونس بن متى عليه السلام؟!.

فقال عداس: وما يدريك ما يونس بن متى؟.

فقال عليه الصلاة والسلام: (ذاك أخي، كان نبيا وأنا نبي). فأكب عليه عداس يقبل رأسه ويديه.

ونينوى قرية تقع على نهر دجلة تقابل مكان مدينة الموصل الحديثة بالعراق.

وتقول المصادر هي مدينة قديمة، عاصمة الإمبراطورية الآشورية على نهر دجلة. ويبدو أن نينوى أنشئت في مكان "كلاء" التي كانت قد حلت محل آشور -العاصمة القديمة- بالرغم من أن سرجون بنى: "دور- شاروكين" عاصمة له.

بلغت نينوى أوج عظمتها تحت حكم سنحاريب وآشور بانيبال. تزعمت العالم القديم حتى سقطت عام (216 ق.م) أمام هجمات "سياكريس" و "نابوبولصار"، فانتهت الإمبراطورية الآشورية.

كشف التنقيب الذي بدأ في القرن (19)- عن مدينة طولها 5 كلم.

وتعتبر المباني والنقوش التي وجدت فيها مصدرا للتاريخ الآشوري، ومنها مكتبة آشور بانيبال. ذكرت في الإنجيل، وترتبط بها قصة .. يونس عليه السلام.

أما قصة يونس مع هذه القرية، والتي أشار إليها القرآن الكريم، فتبدو واضحة جلية، فهو نبي يحمل دعوة للإيمان والتوحـ.ـيد.

وفي "نينوى" وتحت ظلال الأصنام، أشعل يونس بن متى عليه السلام قبس الإيمان، وحمل لواء التوحـ.ـيد، فدعا قومه الجاهلين: أن يرجعوا عن عبـ.ـادة الأصـ.ـنام وأمعنوا النظر فيما حولكم من كون فسيح، تبصروا في أنفسكم تجد أن وراء هذا الكون البديع إلها كبيرا،  فردا صمدا، جديرا بأن يختص بالعبادة، ويقصد وحده بالتقديس... أرسلني هداية لكم، ورحمة بكم، لأدلكم عليه، وأرشدكم إليه؛ إذ كان الجهل قد ران على قلوبكم فلم تتبصر، وغشى على بصائركم فلم تتدبر.

كان القول غريبا على القوم، فدهشوا أن سمعوا قولا لم يألفوه، وحديثا عن إله لم يعرفوه، وكبر عليهم أن يروا واحدا كان منهم فخرج عليهم واعظا، ورجلا من عامتهم ينصب نفسه رسولا إليهم، وهاديا لهم.

وقالوا ليونس عليه السلام:

ما هذا القول الذي تتحدث عنه؟ وما هذا البهتان الذي تدعو إليه؟

هذه آلهة عبدها آباؤنا من قبل، ونعبدها نحن اليوم، ولن نترك دين آبائنا وأجدادنا.

قال يونس عليه السلام:

يا قوم ارفعوا عن عيونكم غشاوة الجهل والتقليد، وانزعوا عن عقولكم نسيج الأوهام، وفكروا قليلا، أهذه الأوثان التي تتوجهون إليها في صباحكم ومسائكم، وتعتمدون عليها في قضاء حاجاتكم، أو دفع الشر عنكم، أتجلب لكم نفعا؟ أو تستطيع أن تدفع عنكم  الشر؟ أهي قادرة على أن تخلق شيئا،  أو تحيي ميتا، أو تشفي مريضا،  أو ترد ضالا؟ أهي تستطيع دفع الشر عنها لو أردتموه بها؟!!.

جادل القوم نبيهم يونس عليه السلام بعناد وسفسطة، فقالوا: ما أنت إلا بشر مثلنا، وواحد منا، ولا سبيل إلى نفوسنا أن تسير في هديك، او تذعن لدعوتك، فكفكف من حديثك هذا، ودع قولك فلا جدوى منه.

قال يونس عليه السلام: لقد دعوتكم بالهوادة واللين، وجادلتكم بالتي هي أحسن، فإذا كانت دعوتي تصل إلى قرارة نفوسكم،  كان في وصولها خيرا رجوته لكم، وإيمانا أبتغيه من وراء دعوتي لكم.

وإذا لم تتبعوني فإني أنذركم عذابا شديدا، وبلاء نازلا، وهلاكا قريبا، ترون طلائعه، وتتقدم إليكم دلائله.

كذبوا بما جاء به يونس عليه السلام، وقالوا:

لن نخاف وعيدك، ولن نستجيب لدعوتك، وإن كنت صادقا فأتنا بما وعدتنا.

ضاق بهم يونس -عليه السلام- ذرعا، وقطع الرجاء فيهم، فتركهم، ورحل عنهم مغاضبا لهم، يائسا من إيمانهم، فقد دعاهم فلم يؤمنوا، وبصرهم فلم يتدبروا، وجادلهم فلم يستمعوا، ولعله لو أطال مدته، واستمر في نشر دعوته، قد يجد منهم من يؤمن ويستجيب، أو يستغفر الله وينيب إلى الإيمان.

وما إن خرج يونس -عليه السلام- من نينوى مغاضبا يائسا، حتى وافت أهلها نذر العذاب،  واقتربت منهم طلائع الهلاك، فاغبر الجو حولهم، ثم تغيرت ألوانهم و تشوهت وجوههم، فداخلهم القلق، وساورهم الخوف، وعلموا أن دعوة يونس -عليه السـ.ـلام- حق، وأن إنذاره كان صادقا لا مراء فيه، وأن العـ.ـذاب لابد بهم واقع، وأنه سيصيبهم ما كانوا قد سمعوه عن أقوام سبقتهم مثل عاد، وثمود، وقوم نوح.

اتجهت نفوسهم إلى اللجوء إلى إله يونس -عليه السـ.ـلام- فيؤمنوا به، ويتوبوا إليه، ويستغفروه، فخرجوا إلى رؤوس الجبال، وبطون الصحراء شاكين، متضرعين، باكين، متوسلين أن تشملهم رحمة ربهم، ففرقوا بين الأمهات وأطفالها، والإبل وفصلانها، والبقر وأولادها، والغنم وحملانها؛ ثم صاح الجميع، فصاحت الأمهات، ورغت الإبل، وخارت البقر، وثغت الغنم؛ وكانت ساعة بسط الله عليهم بعدها جناح رحمته، ورفع عنهم سحائب نقمته، وتقبل منهم التوبة والإنابة، إذ كانوا مخلصين في توبتهم، صادقين في إيمـ.ـانهم، فرد عنهم العقاب، وحبس عنهم العذاب، فرجعوا إلى دورهم آمنين مؤمنين، وودوا لو يعود إليهم يونـ.ـس -عليه السلام- ليعيش بينهم رسـ.ـولا ونبيا، ومعلما وإماما.

ولكن يونس كان قد فارقهم، وترك ديارهم، فهام على وجهه يضرب الأرض، ويسرع في السير، حتى انتهى إلى البحر، وهناك وجد جماعة يعبرون، فسألهم أن يصحبوه معهم، ويحملوه في سفينتهم، فوافقوا، وأنزلوه بينهم منزلا كريما، ومقاما عزيزا، فقد بدت على وجهه علامات الكرم والسماحة، والتقى والصلاح، وأبحرت السفينة في عرض البحر، وابتعدت عن الشاطئ.

وفجأة هاجت الأمواج، وهبت الأعاصير، وتوقع الراكبون سوء المصير، فزاغت الأبصار، وانخلعت القلوب، ولم يجدوا طريقا للنجاة؛ إلا أن يتخففوا من حمولة السفينة.

فتشاوروا فيما يصنعون، ثم اتفقوا على الاقتراع، ومن يقع عليه السهم يلق في البحر لينقذ من بقي في السفينة من الغرق، واقترعوا، فوقع السهم على يونـ.ـس -عليه السـ.ــلام- ولكن القوم ضنوا به على البحر (أي بخلوا به على البحر)، تكريما لشأنه ومكانته العظيمة بينهم، فعادوا للاقتراع مرة أخرى، وعاد السهم ليقع على يونس مرة أخرى، فتشاوروا مرة أخرى بعد أن خافوا على يونس،  وضنوا به على البحر أيضا، فاقترعوا مرة ثالثة فوقع السهم عليه، عندئذ علم يونس أن وراء ذلك سرا، يعلم الله تدبيره، وتذكر قومه، فما كان له أن يتركهم قبل أن يأذن الله له بالرحيل عنهم، فأدرك خطأه، فقد كان عليه أن يستخير الله في الرحيل، فألقى بنفسه في البحر، وأسلم نفسه للأمواج يتخبط في ظلماتها هنا وهناك.

وجاء وحـ.ـي الله للحـ.ـوت أن يبتلع يونس -عليه السلام- ولكن على ألا يأكل لحمه، ولا يهشم عظامه، فهو نبي كريم، قدر أمرا ولم يصب في تقديره، وعجل به فندم، لذا فقد كان يـ.ـونس -عليه السلام- في صورة وديعة أودعها الله عند الحوت، يؤديها حينما يأذن الله له.

ومكث يونس -عليه السـ.ـلام - في بطن الحوت،  بينما شق الحوت الأمواج، وهوى إلى أعماق البحر في ظلمات متضاعفة، بعضها فوق بعض، فضاق صدر يونـ.ـس، وزاد همه، وفزع إلى ربه،  فهو مجيب التائب، وغياث الملهوف، فرحمته واسعة، ومغفرته عظيمة، يغفر الذنوب جميعا.

ونادى بأعلى صوته، وجاء نداؤه في الآية الكريمة يقول: {فـ.ـنادى في الظلـ.ـمات أن لا إله إلا أنـ.ـت سبـ.ـحانك إني كنت من الظـ.ـالمين}،سورة: الأنبياء.

واستجاب الله الدعاء، وأخذ الحوت أمرا من ربه عز وجل…  كان الأمر واضحا فقد جاء فيه:

الْق بضيفك في العراء، فقد أوفى على الغاية، ونال جزاءه.

فألقاه الحوت على الشاطئ سقيما هزيلا، فتلقته رحمة ربه، فأنبتت عليه شجرة من يقطين، طعم من ثمرها، واستظل بورقها، ودبت في جسده العافية، وظهرت عليه تباشير الصحة والحياة.

وقف يونس - عليه السلام - وقد استرد عافيته وصحته، فأوحى الله إليه: أن ارجع إلى بلدك، وموطنك نينوى، وهم عشيرتك وأهلك، لقد آمـ.ـنوا جميعا، ونبذوا الأصـ.ـنام والأزلام، وهم الآن يبحثون عنك في كل مكان، وينتظرون عودتك بفارغ الصبر.

عاد يونس -عليه السـ.ـلام- إلى "نينوى" القرية التي آمنت، واستجابت بعدما تركت الأصـ.ـنام والأوثـ.ـان، ولما عاد إليهم وجدهم يسـ.ـبحون الله، وقد رطبوا ألسنتهم بذكر الله عز وجل. وحدث القرآن عن قرية "نينوى" فقال عز وجل: (فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمـ.ـانها إلا قوم يونس لما آمـ.ـنوا كشفنا عنهم عـ.ـذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعـ.ـناهم إلى حين)  [يونس الآية: .[98

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

.المصدر: منقول

 .عدد الكلمات: 1277 كلمة

ما هي مدينة نينوى ؟
ما هي مدينة نينوى ؟


 

تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -