(قبل قراءة هذه الفتوى يمكنك أيضا مطالعة فتوى الشيخ حمود بن عقلاء الشعيبي)
أدلة جواز هذه العمليات:
- الدليل الأول : قـوله تعالى : ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ﴾.
وجه دلالة الآية على إباحة العمليات الاستشهادية : مدحت الآية من يبيع نفسه لله تعالى بالجـ ـهـ اد في سبيله بنفسه وماله ، وما العمليات الاستشـ هادية إلا تضحية بالنفس لتكون كلمة الله هي العليا بإعلاء شأن الإسـ ـلام ، وإرهاب العدو ، وبث الرعب والهلع فيه ، و تجرئة المسـ ـلمين عليه فيكون النصر بإذن الله .
- الدليل الثانى : عموم قوله تعالى : ﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّة ٍوَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ ﴾.
فكل قوة حربية يجب أن تعد لهؤلاء ، والعمليات الاستشـ هادية ما هي إلا قوة ترهب العـ دو ، وتلقى الرعب فى قلبه ، و توقع الإصابات به من قتـ ـل أو جرح ، وتوهينه ، وتجرئ المسـ لمين عليه .
- الدليل الثالث : عموم قوله : « ومن مات فى سبيل الله فهو شهيد » فقوله : من مات عام يشمل كل من مات بغض النظر عن المتسبب في القـ ـتل أي كل من يصدق عليه أنه مـ ـات فى سبـ يل الله فهو شهـ يد .
- الدليل الرابع : في قصة الملك والسـ ـاحر والرا هب والغلام قصة أصحاب الأخدود، وفيه فقال الغلام الموّ حد للملك الكـ ـافر: ( إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به، قال : وما هو ؟ . قال : تجمع الناس في صعيد واحد ، وتصلبني على جذع ، ثم خذ سهماً من كنانتي ، ثم ضع السهم في كبد القوس ثم قل با سم الله رب الغـ ـلام ثم ارمني فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني . فجمع الناس في صعيد واحد وصلبه على جذع ثم أخذ سهماً من كنانته ثم وضع السهم في كبد القوس ثم قال : با سم الله رب الغلام ، ثم رماه فوقع السهم في صُدْغه فوضع يده في صُدْغه في موضع السهم فمات . فقال الناس : آمنا برب الغلام ، آمنا برب الغلام ، آمنا برب الغلام ...) .
ففي الحديث دليل على صحة العمليات الاستشـ هادية التى يقوم بها المجـ اهـ دون فى سبـ يل الله القائمون على حرب اليهـ ود والنـ صـ ارى والمفسـ دين في الأرض ؛ لأن الغلام قد دل الملك على كيفية قتـ ـله حين عجز الملك عن ذلك بعد المحاولات والاستعانة بالجنود .
- الدليل الخامس : قصّة حملِ سلمة ابن الأكوع و الأخرم الأسدى و أبو قتادة لوحدهم على عيينة بن حصن و من معه ، و ثناء النبى صلى الله عليه وسلم عليهم بقوله :« كَانَ خَيْرَ فُرْسَانِنَا الْيَوْمَ أَبُو قَتَـ ـادَةَ وَخَيْرَ رَجالَتِنَا سَـ ـلَمَةُ ».
ففى الحديث دليل على جواز حمل الواحد على الجمع الكثير من العدو وحده ، و إن غلب على ظنه أنه يقـ تل أى جواز الانغـ ـماس في صف العدو أو جواز التغرير بالنفس في الجـ هاد أو جواز إهلاك النفس فى سبـ ـيل الله من أجل إحداث القـ ـتل فى العدو وإيقاع الإصابة فيه والنكاية به، وما العمليات الاستشـ هادية إلا تغرير بالنفس ، وإهلاكها لإلحاق الضرر بالعدو من بث الرعب والقلق والهلع فيه ، و تجرئة المسـ لمين عليه ،وتقوية قلوبهم وكسر قلوب الأعـ ـداء ، و التنكيل والتوهين لهم ورفع الروح المعنوية لدى المسلمين .
- الدليل السادس :
بمفهوم الموافقة أى ثبوت حكم الشىء المذكور( المنطوق) للمسكوت عنه لاشتراكهما فى علة الحكم المفهومة بطريق اللغة فالمسكوت عنه أولى أو مساوِ للمنطوق به فى الحكم كحرمة التأفف من الوالدين أولى منها فى الحكم بالحرمة سب الوالدين أو ضربهما ، وكحرمة أكل مال اليتيم بالبـ ـاطل الأولى منه فى الحرمة إتلافه ، وكعصمة الأنبـ ـياء من إرتكاب الكبائر فمن باب أولى عصمتهم من الشـ رك ، وكحل قـ ـتل العقرب فى الحَرم فمن باب أولى قـ تل الأسد ، وإذا كان الله قدر على ابتداء الخلق فمن باب أولى أن يكون الله قادرا على إعادته ؛ لأن ابتداء الشىء أصعب من إعادته ، وإذا كان السفر لزيارة أى مسجد غير الثـ ـلاثة مساجد بقصد التقرب إلى الله لا يجوز ، والمسـ ـاجد خير بقاع الأرض فمن باب أولى عدم جواز السفر لزيارة المقـ ـابر ، وإذا كان قليـ ـل ما يسكر حراما فمن باب أولى كثيره ، وعلى هذا فقس ، وقد اتفق العلماء على أن جيش الكـ ـفار إذا تترسوا بمن عندهم من أسرى المسـ ـلمين وخيف على المسـ ـلمين الضرر إذا لم يقاتـ ـلوا فإنهم يقاتلون، وإن أفضى ذلك إلى قتـ ـل المسـ ـلمين الذين تترسوا بهم فيجوز للتوصل إلى قـ ـتل الكفـ ـار ؛ أن نفعل ذلك ولو كان فيه قتل مـ ـسلم بسلاح المسلـ ـمين وأيدى المسلـ ـمين مع أن هذا فيه قتل المسـ ـلمين لكن مصلحة المسلمين أولى والنكاية بالعدو والتوصل إلى قتل العدو لا تتم إلا به فمن باب أولى قتل المجـ ـا هد نفسه للنكاية بالعدو؛ لأن ضرره على الشخص نفسه لا على غيره لكن مصلحة المسـ ـلمين، ونكا ية الأعـ ـداء تقتضيه .
- الدليل السابع :
القياس على مسألة البيات إذا جاز تبيت العدو ليلاً وقتـ ـله والنكاية فيه ، وإن تضمن ذلك قتل من لا يجوز قتله من صبيان الكـ ـفار ونسـ ـائهم مع أن هؤلاء لا يجوز قتلهم لكن مصلحة المسـ ـلمين أولى ، والنكاية بالعدو أولى ، والتوصل إلى قـ ـتل العدو أولى فقياسا عليه يجوز قتـ ـل المجـ ـا هد نفسه من أجل النكا ية بالعد و، والتوصل إلى قتـ ـله ، وإضعاف نفوس العدو ؛ ليروا أنّ هذا صنع واحد فما ظنك بالجمع قال ابن قدامة
: يجوز تبييت العـ ـدو ، وقال أحمد : لا بأس بالبيات وهل غزو الروم إلا البيات ، وقال : لا نعلم أحداً كره البيات.
وأخيراً :
العمليات الاسـ ـتشهـ ا دية مشروعة ؛ لأنها قتل للنـ ـفس ؛ لإرهـ ـاب العدو ، وكسر قلبه ، وتجعله يقول إذا كان هذا فعل شخص فكيف بالجميع ؟! فتبث الرعـ ـب فى قلبه وتجرئ المسـ ـلمين عليه ، وتقوي قلوبهـ ـم هذا والحـ ـمد لله الذى بنعـ ـمته تتم الصا لحات .
اكتب تعليقك هنا