أخر الاخبار

وبشـ ر المؤ منـ ين

   تقوى الوقائع بقوة الدوافع ، ولا دافع للمـ ؤ من أكبر من إيما نه بالله تعا لى ويقينه بموعوده، فإن غلب الإ يما ن في قلب المـ ؤ من دفعه إلى فعل أمور لا نقيسها مقاييس البشر، ومن أعظم هذه الدوافع تبشير المـ ؤ منين ، فهو عبا دة عظيمة ، حث الله عليها أنبياءه وأولياءه المـ ؤ منين، وهي تقوم على دعائم من أهمها أمران : أما الأول فهو تبشير المـ ؤ منين باستعلا ئهم بالله تعالى، فقد أكده الله للمـ ؤ منين كيفما كان حالهم ، ومن ذلك قوله تعالى : { ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلـ ون إن كنتم مـ ؤ منين } ..

   ومن معاني الاستعـ لاء ؛ الشعور بالرفعة والعز ة التي ضمنها الله لمن آمن به وجـ ا هد في سبيله لإعلاء كلمته، فالمـ ؤ من في رفعة د ائما ؛ لأن رفعته وعزته بعزة الله تعالى والله هو العـ لي العز يز ، قال الله تعالى في نـ صره للنبي .. على قريش حينما كانت تطلبه وهو في الغار: ( وجعل كلمة الذين كفـ ر وا السفلي وكلمة الله العليا ) .. ، فذكر سبحانه أنه سيجعل كلمة الذين كفـ ر وا السفلي وذلك لأنهم مهما بغوا وعلوا فسيخفـضهم الله بحو له وقو ته، فقال: ( كلمةَ ) وهي منصوبة إعرابا بفعلِ ( جَعَلَ ) ، أما ( وكلمة الله هي العليا ) فهي مرفوعة إعرابا وأبدية، فلم يجعلها عالية في ذلك الموطن بل هي كانت قبله وما زالت ، وبهذا فليبشر المـ ؤ منون أن رايتهم عالية دائما وأبدا ولن تنكس.

   وقال سبحا نه في أمر العزة : ( ولله العز ة ولرسـ وله وللمـ ؤ منين ولكن المنا فـ قين لا يعلمون } .. ، وما أذل الله قوما اعتصموا به وعادوا وفاصلوا جميع المـ شر كين لأجله سبحا نه .

   أما الأمر الثاني : فهو تبشير المـ ؤ منين بمعية الله لهم ، فذاك دافعهم وحاملهم على الإصرار لتحقيق ما يرضيه سبحا نه وتعا لى، وإن حسب الناس أن ما يرنوا إليه المؤ منـ ون جنونا .. وبهذا طمأن الله المجا هـ دين في القر آن في قوله تعالى: ( وقا تلوا المـ شر كين كا فة كما يقا تلونكم كا فة واعلـ موا أن الله مع المتـ قين ) .. وقوله : ( يا أيها الذ ين آمنـ وا قا تلوا الذين يلو نكم من الكـ فا ر وليجدوا فيكم غلـ ظة واعلموا أن الله مع المتقـ ين ) ..

   وقد جمـ ع الله بين بشرى الاستعلاء وبشـ رى المعية في موطن واحد فقال سبحا نه : ( فلا تهنـ وا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلـ ون والله معكم ) .. والتبشير للمؤمنين في كل حال، في السراء والضـ راء وقت النصر وغيره وفي بداية الدعوة ووقت ظهورها، أو كثرة الأتباع أو تعدد الأعداء؛ وذلك لتعلوَ هممُ المؤ منـ ين ويثبتوا وتحتـ رق قلوب الكـ ا فر ين ويغتا ظوا، فقد أمر الله مو سى عليه السلام بتبشير المؤ منـ ين أيام طغيان فر عو ن ... وهذا نبينا محمد .. يبشر المؤ منـ ين يوم الأحز اب بفتح العر اق والشـ ام واليـ من وهو يحفر الخند ق ويضرب على حجر استعصى عليهم ... 

   وأعجب من هذا قوله صـ لى الله عليه وسلم بيقين بلغ المنـ تهى لما قيل له إن بني قريظة نقضت العهد، فقال صـ لى الله عـ ليه وسـ لم: ( الله أكبر، أبشروا يا معش المسـ لمـ ين ) . وإن قلب المـ ؤ من ليتسع للأقدار الكو نية من ابتلاء أو استضعاف أو غيره مع الأوامر الشر عـ ية بلزوم أمـ ر الله والصبر عليه وتبشير المؤ مـ نين .. والتبشير مكمل للتحـ ر يض، فكلاهما أمران ربا نيان يؤثران في الجـ ها د في سبـ يل الله ، فقال تعالى : ( وبشر المـ ؤ منـ ين )، وقال: ( وحر ض المؤ منـ ين ) .

   وحيثما أمر الله بالجـ ها د بشر عباده المؤ مـ نين، إما بالو لاية لهم ، وإما بالنـ صر ة، وإما بالجنة؛ ليكون لهم الدافع الأول لتقوية قلو بهم وزيادة عز مهم وتجديد هممهم، كقوله تعالى: ( وأخرى تحبونها نـ صر من الله وفتـ ـح قر يب وبشر المؤ مـ نين )، وقوله تعالى: ( وقا تلو هم حتى لا تكون فتـ نة ويكون الد يـ ن كله لله فإن انتهـ وا فإن الله بما يعملون بصـ ير فإن تولوا فاعلـ موا أن الله مو لاكم نـ ـعم المو لى ونعم النصـ ير ) .. وقد بشر الله هذه الأمة بالنصـ ـر والغلبة والظهور والسناء ... 

   وتبشير المؤ مـ نين بما وعـ د الله هو تبشير بحقا ئق كا ئنة ولابد، وليس ما يبشر به المجـ ا هد ون من قبيل الغرور كما يدعيه المنا فـ قون القائلون: ( غر هؤ لاء ديـ نهم ) .. وما تبا شيرهم شعارات جو فاء ولا وعودهم عبثية هو جاء، بل إن وعود المـ جا هد ين صادقة، وتهديداتهم إن شاء الله نا فذة، وقد أدركها العـ دو قبل الصد يق؛ لأنها نابعة من يقينهم بالله تعا لى ووعـ ده الحق، وإننا نبشر المـ سلـ مين بفتح ودك جميع حصـ ون الطو ا غـ يت وفتح جز ير ة العر ب وفلسـ طـ ين والقسطنـ طينية من جد يد ور وما إن شاء الله تحقـ يقا لا تعـ ليقا ، فتأهبوا يا عبا د الله للقا دمات ، وتزو دوا لصا دق المو عو دات ، فذاك وعد الله والله لا يخلف المـ يعاد، والحمد لله رب العا لمـ ين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 المصدر: الصحـ يفة التي يصدرها المـ قا تلون في العر اق وسو ريا ( عدد 324 ).

123.5 كيلوبايت.

وبشـ ر المؤ منـ ين



تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -