جاء في [ تاج المفرق في تحلية علماء المشرق ] وهي الرحلة التي دوّنها خا لد بن عـ ـيسى بن أحـ ـمد بن إبراهـ ـيم بن أبي خالد البلوي الأندلسي، أبو البقاء (المتوفى: بعد ٧٦٧هـ) :
لما دخلتُ المدرسة السّراجية بالإسكندرية، رأيتُ على باب بيتٍ سكنته فيها ما نصّه :
عليك سلامُ الـ ـله يا خيرَ منزلٍ
رحلنا وودّعناك غير ذميمِ
فإن تكُن الأيّام فرّقن بيننا
فما أحدٌ من صرفها بسليم
وأنّي لارجو عودةً يُشتفى بها
غليلُ محبٍّ بالبُعاد كليمِ
ثم تأمّلتُ فإذا بعده بخطٍّ آخر ما نصّه :
تركنا همّنا ثم ارتحلنا
كذا الدّنيا نزولٌ وارتحالُ
وما دهرٌ على أحدٍ بباقٍ
ولا يبقى على الإنسانِ حالُ
ثم التفتُّ أمامه فإذا بعده بخطٍّ آخر ما نصه :
قد حضرنا في ذا المكان وغبنا
وكذا الدهر غيْبةٌ وحضورُ
فاذكرونا يا حاضرين بخيرٍ
واعلموا أنّ الليالي تدورُ
ثم نظرتُ فإذا تحته بحائط آخر ما نصه:
قد حضرنا في ذا المكان وغبتُمْ
وقرأنا من بعده ما كتبتمْ
وذكرناكم بكل جميلٍ
فاذكرونا بمثله إن حضرتمْ
فعجبتُ لدارٍ تدين برحيل، وتُنبئ عن سفر طويل، وتفرّق بين كل خل وخليل، وكتبت من نظمي هنالك بطرف دامع .. وقلب عليل ! :
قد أسلتُم لنا الدّموع نجيعا
وذكرناكم بخير جميعا
وسألنا يا حاضرين دعاء
واجترعنا الفراق والتوديعا
اكتب تعليقك هنا