ذو النورين عثمان بن عفان
كان عثمان وسطا من الرجال، فلم يكن طويلا ولا قصيرا، وكان جميل الوجه، له لحية كبيرة طويلة، وكان يلقب بذي النورين لأنه تزوج رقية بنت الرسول، ولما توفيت رقية زوّجَهُ النبيُّ أم كلثوم، ولم يتزوج ابنتي نبيّ غيره، وكان الرسـ.ـول يقول:
" لو كانت عندي ثالثة لزوجته ".
ولما دعاه أبو بكر إلى الإسـ.ـلام استجاب لدعوته ودخل في الدين الحق، وذهب إلى الرسول، فقرأ عليه الرسول القـ.ـرآن، وشرح له معنى الإسـ.ـلام، وبشره بالخير من الله.
وقد تعرض عثمان بسبب دخوله في الإسـ.ـلام إلى الكثير من الأذى، فقد كان عمه الحكم بن أبي العاص يربطه بحبل، ويقول له:
تترك دين آبائك، والله لا أتركك أبداً حتى تترك هذا الدين الجديد الذي آمنت به.
وكان عثمان يقوله له: والله لا أترك هذا الدين أبداً.
فلما رأى الحكم شدة تمسك عثمان بدينه يئس منه وتركه.
وإن كان عثمان قد نجا من أذى عمَّه فإنه لم ينج من بطش قريش، فقد كانوا يؤذون المسـ.ـلمين أذى شديداً، فكانوا يمنعون عنهم الطعام والشراب حتى لا يستطيع أحدهم أن يجلس من شدة الجوع والعطش.
فلما رأى الرسول ما يتعرض له أصحابه من هذا العذاب وأنه لا يستطيع الدفاع عنهم. أمرهم أن يتركوا مكة ويهاجروا إلى الحبشة، لأن بها ملكاً لا يظلم أحداً.
وكان أول من هاجر إلى الحبشة عثمان وأخذ معه زوجته رقية بنت رسول الله، وكان الرسول يقول :" إن عثمان أول من هاجر إلى الله بعد لوط ".
واستمر عثمان في أرض الحبشة مع زوجته حتى أشاعت قريش بين الناس أنها أسـ.ـلمت ودخلت في الدين الجديد مع محمد، وفرح عثمان بهذا الخبر فرحاً شديداً، وأخذ زوجته وعاد إلى مكة، ولكنه وجد الأمر على خلاف ما سمع، ورأى قريشاً على كفـ.ـرها وأذاها للمسـ.ـلمين، ولكن هذا لم يستمر فترة طويلة، لأن الرسول قد أذن للمسـ.ـلمين بالهجرة إلى << يثرب >>.
وفي << يثرب >> ظل عثمان بجوار النبي صلى الله عليه وسلم يطيعه في كلِّ ما يرضي الله ورسوله، وبدأت تظهر صفاته الطبيعية الجميلة في الأمور الصعبة الشديدة، فمن ذلك:
أنه اشترى بئر رومة وكانت لرجل من اليهـ.ـود وكان يبيع ماءها للمسـ.ـلمين، فقال الرسول "من يشتري بئر رومة وله بها مشرب في الجنة؟"
فذهب عثمان إلى اليهـ.ـودي ليشتري هذه البئر منه، فقال اليهـ.ـودي:
أبيع لك نصفها فقط، فاشتري نصف البئر باثني عشر ألف درهم، واتفق عثمان واليهودي على أن يكون لكل واحد منهما يوم، فكان إذا كان يوم عثمان أخذ كل مسـ.ـلم من الماء ما يكفيه يومين، فإذا كان يوم اليهـ.ـودي لم يجد أحداً يشتري منه الماء، فقال لعثمان: اشتر مني نصف البئر الآخر، فاشتراه عثمان بثمانية آلاف درهم، وجعل البئر للمسـ.ـلمين.
وكان عثمان أشد الصحابة حياءً، حتى كانت الملائكة تستحي منه، قالت عائشة رضي الله عنها :كان رسول الله مضطجعا في بيتي، كاشفًا عن فخذيه أو ساقيه، استأذن أبو بكر فأذن له، وهو على تلك الحال فتحدث، ثم استأذن عمر فأذن له وهو كذلك فتحدث، ثم استأذن عثمان فجلس رسول الله وسوى ثيابه فدخل فتحدث.
فلما خرج عثمان قالت عائشة: دخل أبو بكر فلم تباله، ودخل عمر فلم تباله، ثم دخل عثمان فجلست وسويت ثيابك، فقال: " ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة".
وكان عثمان يصلي الليل كله، ويختم القـ.ـرآن في ركعة واحدة، حتى قالت امرأته لمن قتلوه : لقد قتلتموه، وإنه ليحي الليل كله بالقـ.ـرآن في ركعة.
وقد بويع له بالخـ.ـلافة بعد مقتل عمر، وكان عمر قد جعل لكل نفس من المسـ.ـلمين درهماً من بيت المال يفطر عليه، ولأمهات المـ.ـؤمنين درهمين، فلما تولى عثمان الخـ.ـلافة أقر ذلك وزاد عليه.
وكتب عثمان إلى أمرائه في جميع البلاد يحثهم على طاعة الله وطاعة رسوله، ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر.
ومرت الأيام وعثمان يسبق الناس إلى الخير ويسعى في مصالح المسـ.ـلمين حتى وقعت الفتنة التي استـ.ـشهد فيها، وكان الذي تولى أمر غسله ودفنه جبير بن مطعم والمسور بن مخرمة وحكيم ابن حزام وابنه عمرو بن عثمان، وصلى الله عليه الزبير بن العوام.
ـــــــــــــــــــــ
(المصدر: الشامل. / عدد كلمات المقال: 632 / حجم الصورة: 37 كيلوبايت ).
 |
| من هو عثمان بن عفان رضي الله عنه ؟ |
اكتب تعليقك هنا