بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله رب العـالمين على ما علمنا ما كنا نجهله من تأويل الرؤيا.
والصلاة والسلام على خير مبعوث أرسله ربه بثقافة واسعة وبدين حق صحيح صريح فيه علم كل شيء لم يترك صـغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها علمها من علـمها ممن أنار الله بصيرته ووفقـه وأنار له طريق الهداية وأرشـده وبعد به عن طريق الضلال والغواية .
أما بعد : فإن علم تأويل الرؤيا علم صحيح حقيق بالمرء أن يعلم منه مـا ينفعـه، فحيـنما ارتفعت النبوة والرسالة بانتقال الحبيب المصطفى إلى الرفيق الأعلى لم تبق إلا المبشـرات وهي الرؤيا الصالحة يراها المؤمن أو ترى له . وحتى قبل ذلك رأى الأنبياء والصالحون وعـامـة الناس وخـاصـتـهم رؤى حـاروا في تفسيرها حتى وجدوا من يفسرها لهم فارتاحت نفوسـهم واطمأنت قلوبهم، فقد رأى رسول الله ﷺ أنه يدخل والمسلمـون مـعـه المسجد الحرام فكان بعد مـدة أن حقق الله رؤياه بالفتح العظيم فتح مكة البلد الكريم والذي كـان سببا لدخول غـالب العرب في الإسلام وبعد ذلك جاء نصر الله والفتح .
وإن نسينا فـلا ننسى رؤيا يوسف: " وإذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين "، وكانهذا دليل على ملك واسع كـبير يحصل عليه الصديق يوسف .
وكان علم تأويل الرؤيا سـببا أيضـا لخروج يوسف الصديق من السجن عندمـا أول رؤيا ملك مصر.
فقال آتوني به أسـتلـخـصه لنفسي وولاه وزارة مصـر يتصـرف في مالهـا وإنتاجـها من الزرع والثمار كيف يشاء.
وهذه بعض الرؤى الشهيرة
منذ أن خلق الله تعالى آدم عليه السلام فقد قيل إن آدم رأى حـواء قـبل أن يخلقـهـا الله تعالى، وهناك رؤيا إبراهيم عليه السلام بذبح ابنه، ورؤيا يوسف عليـه السـلام «إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدین » [يوسف : ٤}. ورؤيا الملك ملك مصر سبع بقرات عجاف يأكلن سبعا سمان . ثم كانت رؤيا النبي بالفتح المبين لمكة المكرمة هي البشارة بفتح مكة ودخول أهلها في الإسلام بلا قتال ولا دماء .
آداب تفسير وتأويل الرؤيا والأحلام:
إذا اشتبهت الرؤيا على المفسر ولم يعـرف لها تأويلاً أو تفسيرا فليأمـرصاحبهـا إذا خرج من بيته يوم السبت أول النهار أن يسأل أي شخص يلقاه عن اسمـه فإن كان اسمه حسنا كـأسماء الأنبياء والصالحين فالرؤيا حسنة وإن كـان غير ذلك فالرؤيا غير حسنة[1].
وقد نهى رسول الله ﷺ أن يكذب الإنسان ويدعي أنه رأى في المنام شيئا وهو لم يره . قل ﷺ : «من كـذب في الرؤيا كلف يوم القيامة عقد شعيرتين ومن كذب على عينيه لا يجـد رائحة الجنة وإن أعظم الفـرية أن يفتـري الرجل على عينيه يقول رأيت ولم ير شيئا» . وقيل إن الكاذب في الرؤيا هو كـمـدعي النبـوة كاذبا لأن الرؤيا جـزء من أجزاء النبـوة ومدعي الجزء كمدعي الكل.
ومن أراد أن يرى رؤيا صادقة وطيـبة فلينم على جنبه الأيمن ويكثر من قراءة القرآن والذكر والصلاة على النبي ﷺ وأن يتحـرى الصدق دائمـا فـالـرسـول يقـول: «أصـدقكم رؤيا أصدقكم حديثا» .
والرؤيا الصـادقـة قـسـمـان إمـا أن تكون واضحة لاتحتاج إلى تفسير وإما أن تكون مكنية أو ببعض الرموز .
وقد روي عن النبي ﷺ : "الرؤيا ثلاث، فرؤيا بشرى من الله تعالى ورؤيا من الشيطان، ورؤيا يحدث بها المرء نفسـه فيراها، فإذا رأيت ما يحزنك فاتفل عن يسارك ثلاث وقل اللهم إني أسألك خـيـر هـذه الرؤيا وأعـوذ بك من شرها".
يقـول الرسـول ﷺ : «أن الرؤيا تقع على ما تعـبر، ومثل ذلك مثل رجل رفع رجله فهو ينتظر مـتى يضعـهـا فـإذا رأى أحدكم رؤيا فـلا يحدث بها إلا ناصحا أو عالـما»[2].
وهذا الحديث يؤكد أن الرؤيا تقع حسب ما تفسـر وتعبـر فالرسول ﷺ يرشـدنا ويدلنا أن نقصـها على ناصح أو عـالم ولا نقصـها على جـاهل أو عدو أو حـاسد لأن يعـقوب عليـه السلام قال ليوسف عليه السلام: { لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا} يوسف : (5)
قيل لا تقص رؤيـاك إلا على حـبـيـب أو لبيب.
(وينبغي للمعبـر) إذا قصت عليه الرؤيا أن يقول خيرا رأيتَ وخيرا تلقاهُ وشرا تتوقاهُ خير لنا وشر لأعدائنا الحمد الله رب العالمين اقصص رؤياك يا أخي، وألا يتعجل بالتفسير والجواب وينبغي للمعبر أن يكون عـالـما ذكيا وتقيا ونقـيـا ويستحب ألا تفسـر الرؤيا عند طلوع الشمس وغروبهـا وعند الزوال. وهي الأوقات التي تكره فيها إقامة الصلاة.
رؤية الاسـتـعـاذة بالله تعالى من الشـ.ـيطان الرجيم :
من رأى أنه يكثر الاستعاذة من الشيطان في المنام فإنه يرزق علما نافعا وهدى وأمنا من عدوه وغنى من الحلال، وإن كـان مـريضـا شُـفيَ، والاسـتعـاذة أيضـا النجاة مـن الشريك الخـائن والطهارة من النجس والإسلام بعد الكـ.ـفر.
آيات القـ.ـرآن الكريم :
إذا كانت آيات رحمة فإن كـان القارئ ميتا فهو في رحمة الله أما إذا كـانت آيات عذاب فهو في عذاب الله، وآيات الإنذار للحي تحذير له من ارتكاب المعاصي، والآيات المبـشـرات فهي بشرى بالخير .
رؤيا الأنبياء عليهم السلام
رؤية آدم عليه السلام :
من رأى أنه يذبح آدم فـإنـه يعق والديه أو معلمـه، ورؤية آدم عليه السلام ولاية.
.. وتـدل رؤيتـه عـلى الحج والاجتماع بالأحباب وكثرة النسل، وتدل أيضا على السهو والنسيان، أو السفر البعيد .
رؤية إدريس عليه السلام:
من رآه أكرم بـالتقوى والورع وقـوي على العبادة وكثر علمه .
رؤية إبراهيم عليه السلام:
رؤيتـه في المنام دليل الخير كـله والبركة والعـبـادة والرزق والـذرية الصـالحـة والأمـر بالمعروف والنهي عن المنكر وطاعة الله ويحج إلى بيت الله الحرام .
ومن رأى نوحا عليه السلام :
يطول عـمره وتكثر أعـداؤه ويُنصر عليهم ويشكر الله تعالى .
ومن رأى إسماعيل عليه السلام :
رزق الفصاحة، ويبني مسجدا وربما أصاب هما من جهة الأب ثم يسهل الله عليه ذلك .
ومن رأى يوسف عليه السلام :
يرمى ببهتان أو يصيبه ظلم ثم ينصر ويؤتى ملكا.
ومن رأى أيوب عليه السلام :
ابتلي في نفسه أو مـاله أو أهله وولده ثم.
ومن رأى سليمان عليه السلام :
رزق الملك والعلم والفقه فـإن رآه ميتا على منبـر أو سرير فـإنه يموت خليـ.ــفـة أو أميـر أو حاكم.
ومن رأى زكريا عليه السلام :
رزق على الكبر ولدا تقيا.
ومن رأى يحيى عليه السلام :
وفق للعفة والتقوى والعصمة حتى يصير في ذلك واحد عصره .
من رأى المسـيـح عـيسـى ابن مـريـم عليـه السلام :
دلت رؤياه على أنه رجل مبارك كثير الخير والسفر ويكرم بعلوم الطب وغيره من العلوم .
ومن رأى مريم بنت عمران :
ينال جاها ورتبـة من الناس ويظفر بجـميع حوائجه وإن رأت امرأة هذه الرؤيا وهي حامل ولدت ابنا حكيما .
رؤية المصطفى ﷺ
عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنه قال سمعت رسول اللہ ﷺ يقول: "من رآني في المنام فكـأنما رآني في اليـقظة فـإن الشيـ.ـطان لايتمثل بي" .
فـمـن كـان مـديونا قـضى الله دينه، وإن رآه مريض شفاه الله، وإن رآه محارب نصره الله، وإن رآه مـسـرورا حج بيت الله وإن رؤيَ في أرض جدبة أخصبت أو في موضع قد فشا فيه الظلم بُدَّل الظلم عدلا، وإذا رآه شاحب اللون مهزولاً أو ناقصـا بعض الجوارح فـذلك يدل على وهن الدين في ذلك المكان وظهـور البدعـة، وإن رآه قـائـمـا اسـتـقـام أمـره، وإن رآه يؤذن في مكان خرب عـمر ذلك المكان، وإن رأى أنه زار قـبره أصاب مالا عظيما .
[1] - تفسير الأحلام للنابلسي (ص7).
[2] - البـخـاري فـي التـاريـخ ٢/٤/ ١٧٨، وأبـو داود (٥٠٢٠)، والتـرمـذي ٢/ ٤٥، والدارمي ١٢٦/٢، وابن ماجه، والحـاكم، وأحمـد في ۱٠/٤، ۱۳، وابن عساكر .
(المصدر: تفسير الأحلام. / عدد كلمات المقال: 1153 / حجم الصورة: 44.6 كيلوبايت).
 |
| علم تأويل الرؤيا |
اكتب تعليقك هنا