أخر الاخبار

ترجمة الإمام النووي

الإمام النووي

   أبو زكريا بن شرف بن مِرَي بن حسن، وكان أبوه رجلاً صالحاً له دكان يبيع فيها ويشتري.

   ولد الإمام النووي رحمه الله في المحرم سنة (631) من الهجرة، وعاش في رعاية أبيه وحين بلغ النووي العاشرة من عمره أخذه أبوه ليعمل في دكانه، فكان البيع والشراء لا يلهيه عن قراءة القرآن.

   وفي سنة من السنين مرَّ الشيخ الصالح ياسين بن يوسف المراكشي بقرية ((نوى)) فرأى الصبيان يُكرهون النووي على اللعب معهم، وهو يهرب منهم ويبكي ويقرأ القـ.ـرآن.

   قال الشيخ صالح ياسين: فوقعت في قلبي محبته، فأتيت شيخه الذي يعلمه القـ.ـرآن، وقلت له: هذا الصبي سيكون أعلم أهل زمانه وأزهدهم، وسوف ينتفع الناس به.

   فقال شيخ النووي للشيخ ياسين: هل أنت منجم؟

   فقال الشيخ ياسين: لا، ولكن الله هو الذي أنطقني بهذا الكلام.

   فحكى شيخ النووي لوالده ما قاله الشيخ ياسين، فاشتد اعتناء والده به حتى ختم القـ.ـرآن.

   أخذ شرف ابنه النووي وسافر به إلى دمشق، وكان أول شيء شغل النووي أن يلتقي بأحد العلماء ليتعلم منه، وأن يجد له منزلاً يسكنه، وكانت عادة الغرباء أن يدخلوا الجامع الكبير بدمشق، فدخل النووي الجامع ولقي خطيبه الشيخ عبد الكافي.

   حكى النووي للشيخ عبد الكافي سبب حضوره إلى دمشق وأنه يريد أن يتعلم العلم، فأخذه الشيخ وذهب به إلى مفتي الشام الشيخ عبد الرحمن الفزاري، فقرأ عليه النووي دروساً كثيرة، وواظب على درسه مدة طويلة، فكان الشيخ عبد الرحمن أول شيخ للإمام النووي.

   وفي هذه المدة التي كان النووي يتعلم فيها من الشيخ عبد الرحمن لم يكن له مكان يسكنه، فدله شيخه عبد الرحمن على الشيخ إسحاق المغربي المدرس بالمدرسة الرواحية، فذهب إليه وحضر دروسه في العلم، وأعطاه الشيخ إسحاق منزلاً لطيفاً في هذه المدرسة، فسكنه واستقر فيه.

   وحين استقر النووي في المدرسة الرواحية واطمأن اشتد حبه للعلم وزد إقباله عليه، وقد سأله الإمام البدر بن جماعة عن نومه؟

   فقال: إذا غلبني النوم استندت إلى الكتاب لحظة وأنتبه.

   وقد أخذ النووي رحمه الله عن مشايخ كثيرين، يقول رحمه الله:

   أما أنا فأخذت الفقه قراءة وتصحيحاً وسماعاً وشرحاً عن جماعات: أولهم شيخي الإمام إسحاق بن إبراهيم المغربي، ثم شيخنا عبد الرحمن بن نوح المقدسي، ثم شيخنا سلاَّر بن الحسن الأربلي. وله في الفقه مشايخ آخرين.

   الشيخ إبراهيم بن عيسى المرادى، والشيخ إبراهيم بن أبي حفص، والشيخ خالد بن يوسف النابلسي، والشيخ عبد العزيز بن محمد الأنصاري.

   قال تلميذه ابن العطار:

   سمع البخاري، ومسـ.ـلماً، وسنن أبي داود، والترمذي، والنسائي بقراءته، وموطأ مالك ومسند الشافعي، ومسند أحمد، والدارمي، وأبي عوانة، وأبي يعلى، وسنن ابن ماجه، والدار قطني، والبيهقي، وشرح السنة، ومعالم التنزيل، والأنساب للزبير بن بكار، والخطب النباتية، ورسالة القشيري، وعمل اليوم والليلة لابن السني، وآداب السامع والراوي للخطيب، وأجزاء كثيرة غير ذلك.

   وقد ألف النووي في ((الفقه))، و ((الحديث))، و(( شرح الحديث)) و((المصطلح))، و((اللغة والتراجم))، و((التوحيد))، وغير ذلك.

   وكان رحمه الله يقرأ القـ.ـرآن كثيراً، ويذكر ربه كثيراً، وكان يصوم الدهر، وكان إذا ذكر أحد الصالحين يعظمه ويحترمه، وكان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وكان لا يخاف من الملوك والظالمين، وكان يحذرهم ويخوفهم من غضب الله، وكان رحمه الله يرضى بالقليل من الملبس والمأكل، وكانت له هيبة ووقار.

    توفي رحمه الله ليلة الأربعاء في الرابع والعشرين من رجب سنة (776) من الهجرة، ودفن في قريته نوى.

ــــــــــــــــــــ

(المصدر: الشامل. / عدد كلمات المقال: 518 / حجم الصورة: 41.8 كيلوبايت ). 

ترجمة الإمام النووي
ترجمة الإمام النووي





تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -