جاء في الرسائل الأثرية: " أما في هذا الزمان فقد تغلغل الفكر الإرجائي في الأمـ.ـة، حتى غدا الإيمـ.ـان قولا والتوحـ.ـيد شعارا، والإسـ.ـلام إرثا وأنسابا، واندثرت معالم الـ.ـولاء والبـ.ـراء، وصادف هذا الفكر قلـ.ـوبا خاوية، فاستحكم من القلوب والعقول وفي حياة البشر، فترك الناس الفـ.ـرائض والواجبات والسـ.ـنن .. " ص: 9.
وقال المؤلف أيضا: " الحـ ـمد لله الذي أنـ ـزل على عبده الكـ.ـتاب وجعله هادياً ونذيـ ـراً ، ومرشداً لمن تمسك به واعتمد عليه في مـ.ـوالاته ومعاداته ، فهو له سراجاَ منيراً ، وأوجب فيه مقاطعة أهل الشـ.ـرك ، ومن كان لهم مؤيداً ونصـ.ـيراً ، والصلاة والسلام على أشرف خلقه ، وخيرة رسـ.ـله محـ ـمـ.ـد صلى الله عـ.ـليه وسلم الذي مزق الله بمبعثه ظلام الكـ.ـفر ، وجعل من هديه مباينة الشرك والمشركين جملةً وتفصيلاً ، وعلى آله وأصحابه الذين تحابوا في الله حباً أرغموا به أُنوف الأعداء وجاهدوا به الكـ.ـفا .. والمنافقين جـ.ـهـ.ـا.. كبيراً ، وتميزوا به عن أهل الضـ.ـلال ، فلم يرضوا منهم بأنصاف الحلول سبيلاً.
أما بعد : فإن أصل دين الله هو التـ.ـوحـ.ـيد ، قال تعالى : )وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّـ.ـاغُـ.ـوتَ( سورة النحل : (36)، وقد فهم عُتاة الكـ.ـافـ.ـريـ .. حقيقة دعوة الأنبـ.ـياء والرُسـ.ـل أكثر من المسـ .ـلمين المزعومين اليوم ، فها هم مشـ.ـركوا قُريش يُبدون عجبهم من هذه الحقيقة) أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ( سورة ص : (5) ، فالكـ .ـفا .. فهموا أن دعوة رسولهم الجليلة ليست إلى عـ.ـبادةٍ الله ولكن إلى عـ.ـبادة الله وحده والكـ ـ.ـفر بكل معبـ.ـود سواه، فعبادة الله وحده لا تتحقق إلاَّ بالاجتناب والكـ.ـفر بمن تعدى على ربـ.ـوبية أو إلهية من له الخلق والأمر ، والإنسان لا يصير مؤمناً بالله إلاَّ بالكـ ـفـ.ـر بالطـ.ـواغـ ـيت ومعاداتهم ومعاداة كل الصفات الطـ ـاغوتـ.ـية وأهلها ومن يُروج لها من أهل الـ.ـر دّة والنفا ق .
وتأمل حال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قام يُنذر المشـ ـركين عن الشـ.ـرك ويأمرهم بضده وهو التـ ـوحـ.ـيد، لم يكرهوا واستحسنوا ، وحدثوا أنفسهم بالدخول فيه ، إلى أن صرح بسب دينهم وتجهيل علمائهم، فحينئذٍ شمروا لهُ ولأصحابه عن ساق العداوة، وقالوا: سفه أحلامنا، وعاب ديـ ـننا،وشتم آلـ ـهتنا .
وقد أجمع العلـ ـماء من الصحـ ـابة والتابـ ـعين وتابـ ـعيهم ، وجميع المسـ.ـلمين سلفاً وخلفاً ، أن المرء لا يكون مـ ـسـ ـلماً إلاَّ بالتجرد من الشـ ـرك الأكـ ـبر والبراءة منه وممن فعله ، وبُغضهم ومعاداتهم ، بحسب الطاقة والقدرة والإمكان .
(...)
وقد سرت أحاديث :" من قال لا إله إلاَّ الله دخـ.ـل الجنَّة" و " أخرجوا من النـ.ـار من قال لا إله إلاَّ الله " وما شابه ذلك ، حتى سرت هذه الأحـ.ـاديث في العامة سريان النار في الهشيم ، فأتت على الأخضر واليابس ، وظن أكثر المنتسبين إلى الملة أن النطق بالشهـ ـادتين يكفي في إثبات صفة الإسـ ـلام ودخول الجنان وإن تركوا الصـ.ـلوات وفعلوا المنكرات : كالاسـ ـتهزاء بالله ورسـ ـوله وآيـ ـاته ، وأشركوا بالله ما لم يُنـ.ـزل به سـ ـلطانا ، ووالوا أعداء الله من اليـ ـهـ.ـود والنـ ـصـ.ـارى والملـ.ـحدين ، وحكَّموا في الناس الشرائع الكـ ـفـ.ـرية والقوانين الوضـ ـعية الجـ.ـاهلـ.ـية ، وامتنعوا عن بعض شرائع الإسـ.ـلام الظاهرة وحاربوها ، مثل الجـ.ـها .. في سـ.ـبيل الله ، كما هو حاصل في بلاد المسـ ـلمـ.ـين اليوم ، ولا يخفى ذلك إلاَّ على جاهل أو مُعاند خبـ.ـيث يُجادل عن هؤلاء الطـ ـواغـ.ـيت ، نشأ على ذلك الصغير ، وهرم عليه الكبير ، حتى صار في عُرف العامة ومعتقدهم وعند بعض الدُعاة وعلـ.ـماء السلاطين أن هذا هو الوضع السليم .
ومنهم من ينتسب إلى أئـ ـمة الدعوة المباركة ، ولو نظر أئـ.ـمة الدعوة إلى حالهم لتبرأوا منهم ، لذا نقلت كلام أئمة الدعوة في هذه الرسالة حتى لا يلتبس الحق بالباطل ، وأوضحت كلامهم في المسائل المهمة في التـ ـوحـ.ـيد ، والفرق بين أئـ.ـمة الدعوة وهؤلاء القوم أن أئـ ـمة الدعوة عاملين بعلـ.ـمهم ويُطبقون على واقعهم الأحكام الشـ.ـرعـ.ـية لا تأخذهم في الله لومة لائم ، خلافاً لهؤلاء القوم فلا تطبيق على واقعهم البتة ، والذي يُنكر منهم لا يُنكر حتى يُسأل ، خلافاً لأئمة السـ ـلف رحمـ.ـهم الله تعـ.ـالى " .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حجم الصورة: 80 كيلوبايت.
الكلمات: .
كتاب الرسائل الأثرية مجموع مؤلفات: سلطان العتيبي (تنزيل) |
اكتب تعليقك هنا