أخر الاخبار

كتاب أسمار وأباطيل تأليف: السعدي (تنزيل)

 قال السعدي في كتابه أسمار وأباطيل:

      ”التفجير ليس طريق الإصلاح“ كلمة براقة ؛ لكنها غير عادلة ، فالتفجير أسلوب ، وحكمه حكم غايته وثمرته ونتائجه التي تختلف اختلافا يصل إلى حد التضاد .

 فليس من العدل ولا من البيان ولا من الحق أن يعمم هذا الوصف على هذا الفعل المجرد ، ولا أن تُتناول مسائل الديـ.ـن بمثل هذا الإجمال الذي يزيد الغموض ويمهد للخلاف ويستنفد الأوقات والجهود في حوارات ومناقشات تدور في حلقات مفرغة .

 التفجير أعظم ما فيه القـ.ـتل ، والقتل منه ما هو بحق ومنه ما هو بغير حق ، فقتل النفس المسـ.ـلمة ذنبٌ عظيمٌ لا يحل إلا بسببٍ شـ.ـرعيٍ كرجم زانٍ أو قصاصٍ من قـ.ـاتل أو تعزيرٍ لمفسدٍ أو لتـ.ـترس العدو به ونحو ذلك .

وأما النفس الكـ.ـافرة فهي مهدرة الدم لا تعصم إلا بسبب شرعي كأمانٍ أو عهدٍ أو ذمةٍ ونحو ذلك.

 فالتفـ.ـجير الذي هو بحق لا شك أنه من أعظم طرق الإصلاح ، والتـ.ـفجير الذي هو بغير حق لاشك أنه من أعظم طرق الإفساد.

أما اختراع كلماتٍ مجملة ، وعباراتٍ منمقة ، فلا يزيد الأمر إلا غموضاً ، وكان الأولى بدعاة الحوار مع ( الإرهابيين ) أن يكونوا أكثر وضوحاً في النقاش وأن يعتمدوا لغة العلم ويتخذوا من الكتـ.ـاب والسـ.ـنة وفهم الصحابة مرجعيةً حاكمةً بدلاً من استخفاف عقول الشباب بآراء الرجال التي تصاغ صياغة الشعارات الانتخابية لتسري في الناس سريان النار في الهشيم وتتكرر مرةً بعد أخرى لتصبح على مرِّ الأيام نصاً مقدساً ومُسَلَّمةً لا يجرؤ أحد على تجاوزها لاسيما مع الضعف العلمي في الوسط الصـ.ـحوي .

لو أن متحدثاً سَبَّ الدعوة وحذر منها ورفع عقيرته محذراً ومنذراً : ”الدعوة جسر جهنم“ !! ، هل يشفع له وصفه صلى الله عليه وسلم لبعض المفسدين بأنهم " دعاة على أبواب جهنم " [1]؟؟ أو يبرر له فعلَه قولُه تعالى عن الشيطان الرجيم : ( إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّـ.ـعِيرِ ) [2] ؟؟

كلا بل هناك دعوةٌ ودعاةٌ إلى طريق الجـ.ـنة ودعوةٌ ودعاةٌ إلى طريق النـ.ـار ، فكذلك التفجير الذي يستخدمه أهل الحـ.ـق وأهل الباطل ، فأما أهل الحق فيضربون به أروع الأمثلة في التضـ.ـحية والفـ.ـداء لهذا الديـ.ـن ، ويسطرون به ملاحم العزة والبطولة ، ويثبتون به حقيقة يقينهم بموعـ.ـود الله وثقتـ.ـهم بما هم عليه من الطريق.

إن التفجير من الجـ.ـ.ـهاد ؛ والجـ.ـ.ـهاد باب من أبواب الجـ.ـنة ...

التفجير غيظ الكـ.ـافـ.ـرين ، وردع المعتدين ، وشفاء صدور المؤمـ.ـنين ...

ما الذي زلزل جيوش الصـ.ــليب إلا التفجير؟! .. وهل كانت العمليات الاستشـ.. إلا تفجيراً ؟!

وهل كان كماة هذا العصر وأبطاله كخـ.ـطاب وشامل ويحيى عياش وخالد الجـ.ـهني ومحمد الشـ.ـهري رحمهم الله إلا أساتذة هذا الفن وأربابه ؟!

إن من يقول هذه الكلمة ”التفجير ليس طريق الإصلاح“ يريد بذلك أن الدعوة والتربية هي سبيل الإصلاح بناءً على مستندٍ فكريٍ هزيلٍ استشرى بين المسـ.ـلمين .

ونحن نتفق أن الدعوة إلى الله وتربية الناس على الديـ.ـن من أعظم سبل الإصلاح لاسيما إذا كانت الدعوة والتربية تهتم بأصل التوحـ.ـيد وإخلاص العبادة لله ونبذ الشرك والكـ.ـفر بالطاغوت والبـ.ـراءة من أهله ، لكنها لا تتعارض مع الجـ.ــ.ــهاد ولا مع التفجير بشكل خاص فإن جـ.ـهاد المسـ.ـلمين وتفجـ.ـيرهم اليوم بحكم الواقع هدفه رد العدوان عن المـ.ـسـ.ـلمين وصد الفتنة عنهم في ديـ.ـنهم وأنفسهم وأعراضهم وأموالهم وأوطانهم .

(..)

هل يراد منا أن نقـ.ـاوم العدوان بالحملات السـ.ـلمية أم بالحوارات الوطنـ.ـية أم بالبيانات التعايشية ؟؟

عجباً للعقول كيف تفكر ؟

عجباً للنفوس كيف تصبر ؟

هل حقاً يعي هؤلاء ما يقولون ؟ أم يدركون شناعة ما به ينطقون ؟

ما بلينا والله بمثل هذا المنطق المعوج إلا بشؤم معاصينا وركوننا إلى الدنيا وكراهيتنا للقـ.ـتال فأصابتنا الغثائية " أنتم يومئذ كثير ولكنكم غـ.ـثاءٌ كغثاء السيل ".

وأصابنا الذل حتى ما نستحيي من الله ولا من أنفسنا ولا ممن حولنا أو على الأقل من التأريخ الذي سيسطر حالنا بمداد الدهشة والعجب كدهشتنا ونحن نقرأ حال بني إسـ.ـرائيل وهم يوعدون بالنصر أسهل ما يكون فيأبون إلا ما ألفوه ولو كان الذل والهوان ، ويأبون التغيير ولو كان هو العز والتمكين.

أو تلك الدهشة التي تمر بنا ونحن نقرأ حال المسـ.ـلمين زمن التتر والحملات الصـ.ـليبية حيث كانت تمر عليهم السنوات دون أن ينبض منهم عرق أو يتحرك لهم جفن حتى أن كتب التأريخ روت أن أهل الشام لما داهمهم الصلـ.ـيبيون أرسل السلطان الفقهاء والخطباء ليحثوا الناس على النفير ونجدة إخوانهم المسـ.ــلمين وكانت النتيجة كما نص المؤرخون : فلم يفد ذلك شيئاً !!

ولكن لم العجب والدهشة ؟ فزماننا أحق بالعجب ؛ فلئن كان الناس جبنوا عن إجابة داعي الجـ.ـهاد والمحرض على النـ.ـفير فما عساهم إذا كان شيوخهم يغرسـ.ـون فيهم غراس الذل والمـ.ـهانة  ، ويسقونها بماء التحقير والتحطيم، ويحجبونها بأحجبة الحكمة والسكينة ، هِجَّيراهم يوم الوغى وساعة السـ.ـلاح: التفجير ليس طريقاً للإصلاح ..


1 - حديث حذيفة في صحيح مسـ.ـلم .

2 - ( فاطر : من الآية6 )

تنزيل كتاب أسمار وأباطيل

ــــــــــــــــــــــــــــــ

الكلمات: 760 .

كتاب أسمار وأباطيل تأليف: السعدي (تنزيل)
كتاب أسمار وأباطيل تأليف: السعدي (تنزيل)



تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -