فقه "ابن الرومي"
كتبه الشـ ـيخ : ناصر الفهد .
يسمى عصرنا هذا عصر "السرعة"... سرعة في " المواصلات "... سرعة في " الاتصالات "... سرعة في كل شيء...
وحتى الطعام ... دخلته السرعة ... وصار هذا الوقت عصراً للوجبات السريعة ...
ومن المعلوم أن الذين طوروا وسائل السرعة هذه ، واخترعوا أدواتها ... هم الكـ ـفا ر ... ولا يعزى للمسـ ـلمين في الوقت الحاضر شيء منها ...
إلا أن هناك تطويراً غفل عنه الكثيرون ... وهو من إنتاج بعض العباقرة من المنتسبين للأمة الإسـ ــلامية ...
إنتاج عبقري ... من عباقرة ...
وهو تطوير " الفتوى " ... و " علوم الشـ ـرع "...
فـ "علوم الشرع" كانت – إلى وقت قريب – لا يتكلم فيها إلا فحـ ـول العلـ ـماء المحققين ، حتى لو كانوا من أهل البـ ـدع ...
إلا أنها في عصر السرعة طورت ... حتى صار " أي طر طور " يتكلم فيها ...
وصارت المسألة التي يؤلف فيها الفحـ ـول المجلدات لتقريرها بالأدلة ... يكتفي فيها ذلك " الطر طور " بعمود صغير ، يقرر رأيه ، ويسفه قول أولئك الفحـ ـول ...
وصار العلماء الأكابر ... يناطحهم المتخصص في " الأسمدة "... وهذا إنجاز لا يستهان به من إنجازات " المطوراتية "...
جعل " الطر اطير " في مصاف "الأئمة الفـ ـحول"... فنحن في عصر السرعة...
وطورت "عقيدة المسـ ـلمين"... فصارت القضايا التي يفاصل فيها المتقدمون غيرهم ... ويشرعون بسببها الرماح ... وينصبون الأسـ ـنة ... صارت بفضل المطوراتية: "رأيا يقبل النقاش"...
فصار التو حـ ـيد "وجهة نظر"... والكـ ـا فـ ـر "أخا"... والرا فضي مسـ ـلما ... والكـ ـفا ر "أحبابا" و"أصحابا"...
كما أن "المطوراتية" اكتشفوا خللاً في "الموروث"... فرأوا أن المتقد مين أخطأوا حينما وضعوا "الجـ ـهـ ـا د" في "الجغرافيا".. فصححوا ذلك الخطأ... وقاموا بنقله إلى "التا ريخ"...
وهذا إنجاز لا يستهان به أيضاً... فنحن في عصر السرعة...
ومن إنجازات "المطوراتية":
عمل "توسعة للإسـ ـلام"... فإنهم رأوا أن الإسـ ـلا م كان ضيقا في العصور الماضية... فأرادوا أن يستوعب أكبر عدد من الناس... فقاموا بتوسيعه...
فإذا كان الصـ ـحابة رضـ ـي الـ ـله عنهم بدأوا بعد النـ ـبي صـ ـلى الـ ـله علــ ـيه وسـ ـلم بتكـ ـفير أمم من الناس وإخراجهم من الإسـ ـلا م وقتا لهم ... فهذا لأن مساحة "الإسـ ـلام" كانت ضيقة في وقتهم ، قبل التوسعة ... لا يستوعب تلك الأعداد ...
وإذا "وسع" الإسـ ـلا م حتى يستوعب الناس على شتى أفكارهم ... فما الحاجة إلى لفظ " مر تد " ؟... وما الحاجة إلى "حد الر دة " ؟... فقالوا: "باي باي: حد الر دة "... وعقبال باقي "الحد ود"...
ومن أعمال "المطوراتية":
تطوير "الفتوى": فقد دخلت "الفتوى" في هذا الزمن "موسوعة غينيس" بصفتها حققت الرقم القياسي في "السرعة" الذي عجز عن تحقيقه المتقدمون... وهذا مما يحسب لهؤلاء...
كما ظهرت: "فتا وى: حسب الطلب".. و"فتاوى: سفري".. و"فتاوى: بفرخة"..
فصار الر با الاستهلاكي حلا لاً... وبقاء المر أة المسـ ـلمة مع الكـ ـا فر لا بأس به... وأكل الطعام الذي يحتوي على نسبة قليلة من الخنـ ـزير "هنيئا مريئا"...
ولم ينس "المطوراتية" الدجاج من كرمهم... فإنهم اكتشفوا خطأ في "اللغة"... حيث زعم العرب أن "بهيمة الأنعام" هي: الإبل والبقر والغنم ... فرأوا أن العرب حجروا واسعاً حين أخرجوا "الدجاج المسـ ـكين" من "بهيمة الأنعام"... فأدخلوا "الدجاج" في "حوش": "الأنعـ ـام"... وجوزوا التضـ ـحية بها على بر كة الـ ـله ...
والبقية في الطريق... فنحن في عصر السرعة.. ولا يزال العمل على "تطوير الإسـ ـلام" جارياً على قدم وساق...
ولقد استطاع "المطوراتية" عمل هذه الإنجازات في وقت يسير بسبب اتباعهم لأصول الاستدلال عند فقيههم "ابن الرومي الشـ ـاعر"... وذلك أن له أصلاً من "أصول الفـ ـقه" في القدرة على "تحليل الحر ام " عند النظر إلى خلاف الفـ ـقها ء...
ولكن المشكلة أن أصله هذا لا يذكر في أبواب "أصول الفـ ـقه"... وإنما يذكر في أبواب "الأدب الما جن"...
فهذا "الشاعر ابن الر ومي"، لمس حاجته إلى شرب الخـ ـمر... فنظر في خلاف أهل العلم... فرأى أن العر اقيين يفرقون بين النبيذ – وهو عصير غير العنب – فيجيزونه ما لم يصل إلى حد الإسكار ... ويحرمون ما عداه من المسـ ـكرات... بينما ذهب الحجازيون إلى التسوية بين الشرابين وتحريمهما...
فاستطاع "ابن الرومي" – بقدرته التطويرية – أن ينتزع إباحة الخمر من هذا الخلاف ... فأخذ من قول العراقيين : إباحة النبيذ ... وأخذ من قول الحجازيين : أن حكم الشرابين واحد ...
والنتيجة من "ضرب الطرفين في الوسطين" = الخـ ـمر حـ ـلال ...
فقال:
أباح العراقي النبيذ وشربه وقال: الحرامان المدامة والسكر
وقال الحجازي:الشرابان واحد فحلت لنا من بين اختلافهما الخمر
سآخذ من قوليهما طرفيهما وأشربها لا فارق الوازر الوزر
فهذا أصل "المطوراتية" سواء بسواء ...
اكتب تعليقك هنا